Telegram Group & Telegram Channel
‏كيف نوقف افول شمس الدولة العظمى؟
مقال رأي لديفيد اغناشيوس في صحيفة واشنطن بوست
+
ربما تكون الولايات المتحدة في طريقها نحو انحدار لم تتعافى منه سوى القليل من القوى العظمى في السابق، فهي تمتلك العديد من أدوات التعافي، لكنها لا تملك حتى الآن اعترافاً مشتركاً بالمشكلة وكيفية حلها.

هذا ليس اقتباسًا من شعارات حركة (جعل الولايات المتحدة عظيمة مرة ثانية) أو نشرة خاصة بالتيار التقدمي، بل هو ملخص لدراسة جديدة مذهلة أجرتها مؤسسة راند للأبحاث بتكليف من مكتب التقييم التابع للبنتاغون، وينبغي أن يكون بمثابة صرخة ايقاظ لأميركا في هذا العام الانتخابي الحاسم.

سيتم نشر دراسة راند، التي تحمل عنوان يثير الشعور بالهدوء "مصادر الديناميكية الوطنية المتجددة"، يوم الثلاثاء المقبل، وهي جزء من سلسلة تقارير بتكليف من مكتب البنتاغون لتقييم الوضع التنافسي للولايات المتحدة في مواجهة الصين الصاعدة، وقد حصلت على نسخة مبكرة لأنني كتبت سابقًا عن المشروع وعن مايكل جيه مازار مؤلفها الرئيسي في مؤسسة راند.

وعلى الرغم من أن التقرير مكتوب في الغالب باللغة الجافة لعلم الاجتماع، إلا أنه مادة متفجرة، ويأتي هذا التقييم الصريح ضمن تقليد مكتب التقييم، الذي أنشئ في عام 1973 خلال الأيام القاتمة للحرب الباردة من أجل "التفكير فيما لا يمكن تصوره".

كان المدير المؤسس للمكتب هو أندرو مارشال، وهو مفكر غريب الأطوار مشهور، ويرأسها الآن جيمس بيكر، وهو ضابط متقاعد في القوات الجوية يحظى باحترام واسع، وعمل كخبير استراتيجي لرئيسين لهيئة الأركان المشتركة.

ما الذي أدى إلى "التراجع النسبي في مكانة الولايات المتحدة"، كما يتساءل التقرير؟

يشرح الفصل الافتتاحي مشكلة أميركا بشكل صارخ: "فإن موقفها التنافسي مهدد من الداخل (فيما يتعلق بتباطؤ نمو الإنتاجية، والشيخوخة السكانية، والنظام السياسي المستقطب، وبيئة المعلومات الفاسدة على نحو متزايد) ومن الخارج (فيما يتعلق بارتفاع حجم الاستثمارات المباشرة، والتحدي الذي تمثله الصين وتراجع احترام العشرات من الدول النامية لقوة الولايات المتحدة).

وتحذر الدراسة من أن هذا التراجع "يتسارع" وتضيف "يتم النظر إلى المشكلة الأساسية بمصطلحات مختلفة تمامًا من قبل شرائح مختلفة من المجتمع ومجموعات من القادة السياسيين"، فهناك رواية يمينية عن التراجع وأخرى يسارية، ورغم اتفاقهما على أن شيئاً ما معطل في أميركا، فإن الجانبين يختلفان، إلى أقصى حد في كثير من الأحيان، بشأن ما يجب القيام به حيال ذلك.

وما لم يتمكن الأميركيون من توحيد جهودهم لتحديد هذه المشاكل وحلها، فإننا نجازف بالسقوط في دوامة نحو الأسفل، ويشير المؤلفون إلى أن "التعافي من التدهور الوطني الكبير طويل الأمد أمر نادر ويصعب اكتشافه في السجل التاريخي"، كما حصل مع روما، أو إسبانيا هابسبورغ، أو الإمبراطوريتين العثمانية والنمساوية المجرية، أو الاتحاد السوفييتي "عندما تنزلق القوى العظمى من موقع التفوق أو القيادة بسبب عوامل داخلية، فإنها نادرا ما تعكس هذا الاتجاه".

ما الذي يسبب التدهور الوطني؟

يستشهد مؤلفو راند بمحفزات مألوفة للغاية في عام 2024: "الإدمان على الترف والانحطاط"، و"الفشل في مواكبة ... المتطلبات التكنولوجية"، والبيروقراطية "المتحجرة"، و"فقدان الفضيلة المدنية"، و"التمدد العسكري المفرط"، و"الفشل في مواكبة المتطلبات التكنولوجية" و "النخب الأنانية والمتحاربة"، و"الممارسات البيئية غير المستدامة"، فهل يبدو هذا مثل أي بلد تعرفه؟

ويكمن التحدي في "التجديد الوطني الاستباقي"، كما يقول المؤلفان - وبعبارة أخرى، معالجة المشاكل قبل أن تعاجلنا، ويحدد مسحهم للأدبيات التاريخية والاجتماعية الأدوات الأساسية للتجديد، مثل الاعتراف بالمشكلة؛ واعتماد موقف حل المشكلات بدلاً من الموقف الأيديولوجي؛ ووجود هياكل الحكم الرشيد؛ ولعل الأمر الأكثر مراوغة هو الحفاظ على "التزام النخبة بالصالح العام".

ولسوء الحظ، في قائمة "إصلاح المشكلة"، يصنف مؤلفو مؤسسة راند أداء الولايات المتحدة في عام 2024 على أنه "ضعيف" أو "مهدد" أو في أفضل الأحوال "مختلط"، وإذا نظرنا بصدق إلى المرآة الوطنية، فمن المرجح أن نشارك هذا التقييم.

إذن ما هو المخرج؟ تقدم راند دراستين حالة حيث نجحت الإصلاحات العاجلة في التغلب على الفساد والفوضى التي كان من الممكن أن تكون كارثية لولا ذلك.

المثال الأول هو بريطانيا في منتصف القرن التاسع عشر. لقد قامت ببناء إمبراطورية عالمية ناجحة بشكل خيالي، ولكن بحلول منتصف القرن التاسع عشر، كانت تتعفن من الداخل بسبب "الخسائر البشرية والبيئية الناجمة عن التصنيع، والفساد الملحوظ وعدم فعالية المؤسسات السياسية، وسيطرة مجموعة صغيرة من النخب المالكة للأراضي على السياسة، واتساع فجوة التفاوت الاقتصادي، وغير ذلك الكثير"، لكن بريطانيا نهضت بموجة من الإصلاحات التي اجتاحت الحياة البريطانية وغيرت السياسة، وقد شارك قادة المفكرين هذا الشغف بالإصلاح،



tg-me.com/drwasfy/26032
Create:
Last Update:

‏كيف نوقف افول شمس الدولة العظمى؟
مقال رأي لديفيد اغناشيوس في صحيفة واشنطن بوست
+
ربما تكون الولايات المتحدة في طريقها نحو انحدار لم تتعافى منه سوى القليل من القوى العظمى في السابق، فهي تمتلك العديد من أدوات التعافي، لكنها لا تملك حتى الآن اعترافاً مشتركاً بالمشكلة وكيفية حلها.

هذا ليس اقتباسًا من شعارات حركة (جعل الولايات المتحدة عظيمة مرة ثانية) أو نشرة خاصة بالتيار التقدمي، بل هو ملخص لدراسة جديدة مذهلة أجرتها مؤسسة راند للأبحاث بتكليف من مكتب التقييم التابع للبنتاغون، وينبغي أن يكون بمثابة صرخة ايقاظ لأميركا في هذا العام الانتخابي الحاسم.

سيتم نشر دراسة راند، التي تحمل عنوان يثير الشعور بالهدوء "مصادر الديناميكية الوطنية المتجددة"، يوم الثلاثاء المقبل، وهي جزء من سلسلة تقارير بتكليف من مكتب البنتاغون لتقييم الوضع التنافسي للولايات المتحدة في مواجهة الصين الصاعدة، وقد حصلت على نسخة مبكرة لأنني كتبت سابقًا عن المشروع وعن مايكل جيه مازار مؤلفها الرئيسي في مؤسسة راند.

وعلى الرغم من أن التقرير مكتوب في الغالب باللغة الجافة لعلم الاجتماع، إلا أنه مادة متفجرة، ويأتي هذا التقييم الصريح ضمن تقليد مكتب التقييم، الذي أنشئ في عام 1973 خلال الأيام القاتمة للحرب الباردة من أجل "التفكير فيما لا يمكن تصوره".

كان المدير المؤسس للمكتب هو أندرو مارشال، وهو مفكر غريب الأطوار مشهور، ويرأسها الآن جيمس بيكر، وهو ضابط متقاعد في القوات الجوية يحظى باحترام واسع، وعمل كخبير استراتيجي لرئيسين لهيئة الأركان المشتركة.

ما الذي أدى إلى "التراجع النسبي في مكانة الولايات المتحدة"، كما يتساءل التقرير؟

يشرح الفصل الافتتاحي مشكلة أميركا بشكل صارخ: "فإن موقفها التنافسي مهدد من الداخل (فيما يتعلق بتباطؤ نمو الإنتاجية، والشيخوخة السكانية، والنظام السياسي المستقطب، وبيئة المعلومات الفاسدة على نحو متزايد) ومن الخارج (فيما يتعلق بارتفاع حجم الاستثمارات المباشرة، والتحدي الذي تمثله الصين وتراجع احترام العشرات من الدول النامية لقوة الولايات المتحدة).

وتحذر الدراسة من أن هذا التراجع "يتسارع" وتضيف "يتم النظر إلى المشكلة الأساسية بمصطلحات مختلفة تمامًا من قبل شرائح مختلفة من المجتمع ومجموعات من القادة السياسيين"، فهناك رواية يمينية عن التراجع وأخرى يسارية، ورغم اتفاقهما على أن شيئاً ما معطل في أميركا، فإن الجانبين يختلفان، إلى أقصى حد في كثير من الأحيان، بشأن ما يجب القيام به حيال ذلك.

وما لم يتمكن الأميركيون من توحيد جهودهم لتحديد هذه المشاكل وحلها، فإننا نجازف بالسقوط في دوامة نحو الأسفل، ويشير المؤلفون إلى أن "التعافي من التدهور الوطني الكبير طويل الأمد أمر نادر ويصعب اكتشافه في السجل التاريخي"، كما حصل مع روما، أو إسبانيا هابسبورغ، أو الإمبراطوريتين العثمانية والنمساوية المجرية، أو الاتحاد السوفييتي "عندما تنزلق القوى العظمى من موقع التفوق أو القيادة بسبب عوامل داخلية، فإنها نادرا ما تعكس هذا الاتجاه".

ما الذي يسبب التدهور الوطني؟

يستشهد مؤلفو راند بمحفزات مألوفة للغاية في عام 2024: "الإدمان على الترف والانحطاط"، و"الفشل في مواكبة ... المتطلبات التكنولوجية"، والبيروقراطية "المتحجرة"، و"فقدان الفضيلة المدنية"، و"التمدد العسكري المفرط"، و"الفشل في مواكبة المتطلبات التكنولوجية" و "النخب الأنانية والمتحاربة"، و"الممارسات البيئية غير المستدامة"، فهل يبدو هذا مثل أي بلد تعرفه؟

ويكمن التحدي في "التجديد الوطني الاستباقي"، كما يقول المؤلفان - وبعبارة أخرى، معالجة المشاكل قبل أن تعاجلنا، ويحدد مسحهم للأدبيات التاريخية والاجتماعية الأدوات الأساسية للتجديد، مثل الاعتراف بالمشكلة؛ واعتماد موقف حل المشكلات بدلاً من الموقف الأيديولوجي؛ ووجود هياكل الحكم الرشيد؛ ولعل الأمر الأكثر مراوغة هو الحفاظ على "التزام النخبة بالصالح العام".

ولسوء الحظ، في قائمة "إصلاح المشكلة"، يصنف مؤلفو مؤسسة راند أداء الولايات المتحدة في عام 2024 على أنه "ضعيف" أو "مهدد" أو في أفضل الأحوال "مختلط"، وإذا نظرنا بصدق إلى المرآة الوطنية، فمن المرجح أن نشارك هذا التقييم.

إذن ما هو المخرج؟ تقدم راند دراستين حالة حيث نجحت الإصلاحات العاجلة في التغلب على الفساد والفوضى التي كان من الممكن أن تكون كارثية لولا ذلك.

المثال الأول هو بريطانيا في منتصف القرن التاسع عشر. لقد قامت ببناء إمبراطورية عالمية ناجحة بشكل خيالي، ولكن بحلول منتصف القرن التاسع عشر، كانت تتعفن من الداخل بسبب "الخسائر البشرية والبيئية الناجمة عن التصنيع، والفساد الملحوظ وعدم فعالية المؤسسات السياسية، وسيطرة مجموعة صغيرة من النخب المالكة للأراضي على السياسة، واتساع فجوة التفاوت الاقتصادي، وغير ذلك الكثير"، لكن بريطانيا نهضت بموجة من الإصلاحات التي اجتاحت الحياة البريطانية وغيرت السياسة، وقد شارك قادة المفكرين هذا الشغف بالإصلاح،

BY قناة د. وصفي أبو زيد




Share with your friend now:
tg-me.com/drwasfy/26032

View MORE
Open in Telegram


قناة د وصفي أبو زيد Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Unlimited members in Telegram group now

Telegram has made it easier for its users to communicate, as it has introduced a feature that allows more than 200,000 users in a group chat. However, if the users in a group chat move past 200,000, it changes into "Broadcast Group", but the feature comes with a restriction. Groups with close to 200k members can be converted to a Broadcast Group that allows unlimited members. Only admins can post in Broadcast Groups, but everyone can read along and participate in group Voice Chats," Telegram added.

Spiking bond yields driving sharp losses in tech stocks

A spike in interest rates since the start of the year has accelerated a rotation out of high-growth technology stocks and into value stocks poised to benefit from a reopening of the economy. The Nasdaq has fallen more than 10% over the past month as the Dow has soared to record highs, with a spike in the 10-year US Treasury yield acting as the main catalyst. It recently surged to a cycle high of more than 1.60% after starting the year below 1%. But according to Jim Paulsen, the Leuthold Group's chief investment strategist, rising interest rates do not represent a long-term threat to the stock market. Paulsen expects the 10-year yield to cross 2% by the end of the year. A spike in interest rates and its impact on the stock market depends on the economic backdrop, according to Paulsen. Rising interest rates amid a strengthening economy "may prove no challenge at all for stocks," Paulsen said.

قناة د وصفي أبو زيد from us


Telegram قناة د. وصفي أبو زيد
FROM USA